حيثما يثار أمام الرأي العام مستجدات على الساحة المحلية وتأخذ من وقت المواطن الكثير من الاهتمام والمتابعة والتحليل والتعليق والتفاعل، فإن السؤال الأهم ينطلق بوضوح: من يقف وراء ذلك كله؟ مضمون الإجابة وبالضرورة لا بد أن يشير إلى الانتباه واليقظة والتدقيق والتريث والتمهل مع سيل المعلومات المتدفقة بسرعة فائقة وبسقف يتجاوز حدود المسؤولية والحرية؛ فعبر العديد من المحاولات لإثارة الرأي العام في مجالات معينة، يجب الانتقال من التفاعل اللحظي مع الحدث إلى القراءة بعمق لمضمون الفعل ورد الفعل جنبا إلى جنب مع الكم الهائل من الوثائق والملفات والمعلومات وأسرار متراكمة ومخيفة حول ذات الحدث.
العديد من الشكوك وعلامات الاستفهام تظهر على الساحة المحلية، ولعل المطلوب قبل التمهل والتريث، التوضيح والمكاشفة والشفافية، والحديث بصراحة ووضوح عن سياق ما يحدث والإشارة إلى من يقف وراء ذلك كله لاكتشاف الحقيقة المجردة.
حذرت مديرية الأمن العام من تداول إشاعات ومعلومات مشبوهة هدفها بث الخوف والفوضى والفتنة والرعب؛ تعلم جيدا الجهات الأمنية من يقف وراء المحاولات جميعها، وتقف له بالمرصاد والكشف في الوقت المناسب، فليس كل ما يعلم يقال، وليس ما يتداول صحيح مهما كانت المعلومة قابلة للتصديق، وتبدأ بـ:هل صحيح ما يقال عن..؟ الملفات والأوراق الداخلية فرص يمكن استثمارها سياسيا في المشهد المحلي واليومي للمواطن وتوظيف الجدل الراهن والحالي حول التبرع لتسديد بعض الرسوم الجامعية والإعلان الصريح للطلبة للمراجعة لتقديم الطلبات، يمكن توظيف هذا الحدث لمعالجة تعثر تسديد الرسوم الجامعية من قبل إدارة الجامعات ومجلس الأمناء وهيئة المديرين ويمكن للإدارة ذات المرونة المسؤولة حل التحديات والعقبات بشكل مناسب وملائم لجميع الأطراف وضمن الأنظمة والقوانين وتفويت الفرصة على صائدي الفرص في الوقت الحرج.
المرحلة القادمة، التي ستشهد النقاشات من قبل أعضاء مجلس الأمة، النواب والأعيان، سوف تشهد تغطية مناسبة لمخرجات اللجنة الملكية لتحديث المنظومة السياسية التي صرح رئيس مجلس النواب المنتخب للدورة العادية الأولى بأنها سوف تعالج التعديلات الدستورية أولا ومن ثم الولوج إلى قانون الأحزاب، وتلك مرحلة نرجو أن تكون استشرافية للمستقبل وتفعيل المشاركة من قبل الجميع.
نماذج أردنية مشرقة وطيبة ساهمت في دعم مسيرة العطاء الوطنية ويمكن الإشارة إليها بفخر واعتزاز، ومنها الوقف بشكل عام والتعليمي وبناء المدارس والمساجد والصناديق الموجهة للفقير والمحتاج التي تعمل بصمت وخلف الأضواء، وهذه النماذج تحتاج إلى اهتمام إعلامي ودعم مجتمعي وخصوصا تلك التي تُعنى بالتعليم.
لا مجال لإنكار ما نعاني منه على الساحة المحلية وما تشكله من تحديات بأبعادها المنوعة وأشكالها الاجتماعية والاقتصادية وحتى الإدارية والسياسية التي تحتاج إلى معالجة بحلول عاجلة ومنها شعار الرجل المناسب في المكان المناسب والقادر على إدارة الأزمات وحل المشكلات بمسؤولية وأمانة واقتدار.
شكل القادم بما يحمله من ملفات داخلية وإدارتها بشكل سليم وفي المجالات كافة بشجاعة ومواجهة وحصافة ومكاشفة؛ من يقف وراء الفشل وعدم النجاح لنا في الأردن معروف ونحتاج إلى الانتباه للثغرات التي ينفذ إليها من يضمر الشر والسوء والفساد وعدم الاستقرار من الداخل والخارج.
ارتياد المستقبل يحتاج وعيا تاما لما نواجه اليوم من ملفات داخلية وخارجية وفق رؤية سليمة ونقية وبمشاركة إيجابية ونقد بناء وتشريع شامل وتصد حازم وحرص للحفاظ على هيبة الأردن على الرغم من كل الهفوات، ما يزال المجال متاحا لأجل ذلك ويتسع مع قيادة سيدنا جلالة الملك عبد الثاني وسمو ولي العهد الأمير الحسين والأوفياء من الأردنيين الأحرار، ما زال وسيبقى الأردن سدا منيعا بعون الله وحفظه ورعايته.